الخميس، 23 أغسطس 2018

رسالة - 8#

عزيزتي،

نتأرجحُ في هذه الفانيةِ بين السعادة والألم، بين اليسرِ والعسر، بين الحياة والموتِ، لتمضي أيامنا كالسائر نحو الزمانِ وفي خطواتنا الزمن. نمضي جرحى وفي خطانا الأيامُ، حاضرنا هو وجهتنا وماضينا طعنات في ظهورنا، نحمله على أكتافنا مع ما تبقى من حطام أجسادنا، لنخطو خطواتٍ تكادُ تكون الأخيرة، نلتفتُ حولنا لا نرى سوى مخاوفنا، رماد ذكرياتنا، ودموع ماضينا.

خطوة تلو الأخرى لا مفر، هذا العالمُ قاسٍ حتى في الأحلام، فحتى حينما نحلم تقتلنا أحلامنا، تقتلنا رغبتنا في جعل حياتنا أفضل، تدمرنا رغبتنا في مطاردة السعادة، فيصبحُ سعينا للسعادةَ مصدرًا للألم.

هذا العالمُ كاذبٌ واهمٌ، يكذبُ حتى في إيمانه، يكذبُ في مشاعره وأحاسيسه، يكذبُ في كل ابتسامة، وكل طقس، يعشقُ المظاهر والنفاقْ، ينسالُ بين الخلقِ خيفةَ انفضاحه، فأصبح مجتمعًا مريضًا كاذبًا، كلُ تلك المظاهر وهمٌ، وفي باطن الباطن كلُ ضدٍ.

يبدو أنّها تقترب؛ علامات النهاية، كما تعلمين نحن نتوجه إليّها في ثباتٍ وتأنٍ وبحركةٍ منتظمة وعلى إيقاعٍ رخيم. ستكون نهايتنا نهاية دراماتيكيّة سينمائيّة، حيث سيخترق صوت أجراس النهاية الأفق ونقف في لا مبالةٍ في الظلام وسط الحشود ننتظر الخلاص.

فقدنا كل شيء حتى أحاسيسنا أصبحت مبتذلة، حتى إيفيهاتنا المعهودة صارت ماسخةٌ ثقيلة الظل وكأنها علمت أننا نحتضر، فلم تبذل جهدًا في أن تكون مضحكة. نضيع وسط تسارع الكون حولنا، حتى وإن واكبناه لا نحمل لأنفسنا أي جديد، سوى إسطوانتنا الشهيرة: «كنّا شيئًا في يومٍ من الأيام.».

كل ابتساماتنا، وكل آمالنا تضيع في أعين أشخاصٍ عرفناهم يومًا ما، أقتنصتهم من أمام أعيننا قوىً غاشمة، ولا أمل لنا في خلاص قريب... أحيانًا تنتابني تلك المشاعر بأن هناك أملٌ ما عمّا قريب، في كل ذكرى، في كل رسالةٍ وفي كل حرف.

بعض الناس لا ينام خوفًا من الغد، والغد قادمٌ لا محالة، والنهاية باتت وشيكة، ولعل وعسى ولربما بعدها نُصبح على خيرٍ أخيرًا...

A portrait by Martin Wittfooth.

*****

أراكم المرة القادمة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق