الجمعة، 30 أغسطس 2013

عمرو تشيع يا أمي

قال لي وقد بدا علي وجههِ التأثر: ’’أنا لا أؤمنُ بالأوطان، لا وطن لي! لا أؤمنُ بالدُولِ المتفرّدة، أؤمنُ فقط بِدولةِ الخلافةَ، حيث الكل واحد، ولو استطعتُ الهِجرة لهجرتُ هذه البلدة الظالم أهلها‘‘ ثم استطرد وقد ارتسمت علي وجههِ ابتسامة غريبة ’’فلتسقط مصر... هي ليست بلدي أنا من سكان ولاية مصر الإسلامية لا جمهورية مصر العربية التي افتعلها الصهيونيّ المجوسيّ أتاتورك حين أمر بإلغاء الخلافة الإسلامية‘‘. هممتُ بالرد عليه لكن توقفت لأعرف إلي ماذا يرمي هذا الإنسان الذي كانَ متأثراً بشدة من مشاهد فض الاعتصام.

تنهدتُ قليلاً ونظرتُ إلي مدرسة سانت فاتيما الواقعة في ميدان الحجاز بمصر الجديدة وقد عقدتُ النية في مُجاراته في هذا المُسلسلِ الدراميّ وقلتُ له: ’’أن هيربرت جورج كان ليكون سعيداً برؤياك‘‘ فصاح غاضباً من هيربرت هذا؟ فرددت عليه في هدوء: ’’هو مُؤلف رواية (آلة الزمن)!‘‘ واستطردتُ قائلاً: ’’سامحني علي أسلوبي الوقح هذا‘‘ فقاطعني في غضبٍ: ’’ضاعت الأخلاق بعد الثورة، الشبابُ الآن لا يقدّرون كبار السن، فليس منّا من لا يوّقر كبيرنا! ومع ذلك قبلتُ أسفك‘‘، لم أستطع أن أمنع نفسي من النظرِ إليه بغضب إذ أنه تناسى الجزء الأول من الحديث.

قال لي: ’’لم تنظر إليّ بهذه النظرة أقلت كلاماً ازعجك؟ أم الاستشهاد بالحديث الشريف أزعجك؟‘‘ قلت له: ’’ما أزعجني حقاً هو أنّك استشهدت بنصفِ الحديث الذي يخدم جانبك من الحوار، صدقني ليست مناظرة تتناقلها شبكاتُ التلفاز ولن يهم الفائز في النقاش! وانّه من السهل جداً أن أتناقل كلامك وأحوّره لأجعلك تبدو أحمقاً وخائناً أمام أصدقائي وسردتُ له حكاية قريبي الذي تناقل منشوراً لي بين أفراد علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أقول فيه:




 نظر إليّ في عنفٍ وقال: أقلت هذا حقاً؟
أنا: نعم، فعلت.
قال وقد اتكأ علي الطاولة أمامه: أنت سُنيّ، صحيح؟
أنا: نعم، وماذا في هذا؟
قال وقد بدت علي ملامحة أنه علي وشك البطش بي: ’’حسن شحاتة هذا كافر، يطبق عليه حد الردة، أتعلم أن الشيعة يسبون السيدة عائشة؟ ام أن ذلك لا يهمك؟‘‘
قلتُ وأنا احاول انتقاءَ كلماتي: ’’سأحكي لك حكاية قريبي هذا ثم نتناقش في حسن هذا، قريبي هذا إسلاميّاً وسبق أن عمل لي حظراً علي الفيس بوك، ذلك النوع الذي لا يتقبل المخالف أبداً، لدرجة أنه قال لي في مرة ’فلتكف علي نشر سمومك، وأتق الله فيما تكتبُ وفيما تقرأ إنهم يسممون أفكارك‘ ولكن دعني انقل لك ما قاله لأفراد عائلتي بعد هذا المنشور
قال: ’لقد تشيّع عمرو‘ كانت كارثة رغم أن المنشور واضح ولا يحتاجُ تفسيراً ولم أعلق علي كم الاتهامات التي رأيتها في التعليقات لأنها تدل فقط علي عقول أصحابها.

لكن ما يهمني أكثر هو ذلك اليوم الذي قابلتُ فيه والدة قريبي وناقشتني بهدوء شديد، وبيّنتُ لها وجهة نظري ورأي الشيوخ في ذلك، وعندما سمعت موقف مشايخ حزب النور –ساعتها كان حزب النور سيف الإسلام وياسر برهامي ومشايخ الدعوة السلفية من أعلام الأمة- من مقتل هذا الشخص، إذ أسرعت بالاعتذار لي رغم سنها وحاولت تحسين صورته لديّ وأنا ليس لدي أصلاً مشكلة مع المختلفين معي فكرياً فلم يسبق لي أن ميزتُ ضد أحد مخالفاً لي في الرأي. لستُ هنا لأشنع به، ولا أعمم هذا الفكر علي أبناء فصيله، فيوجد الكثيرون من أصحاب العقول النيّرة فشيخي يناقشني باستمرار فيما أكتب ويوضح لي ما يتعارض مع الدين فيه بكل هدوء وإحسان وأستمتع حقاً بالجلوس معه والاستماع إلي رأيه وأعلم أن يوجد الكثيرون والكثيرون، لكن موقف قريبي أزعجني.

صمت طويلاً وأخذ يتأمل كوب القهوة أمامه ثم قال: ’’ربما أنت علي حقٍ في هذا الشأن وصراحة لم أعد أهتم، وكما قلتُ لك من قبل لم يعد هذا وطني‘‘ نظرتُ إليه في اشمئزازٍ ربما لاحظه أو لم يلاحظه وأخذت أبحث في ذهني عن أي شيء يخص موضوع الأوطان في التاريخ الإسلامي لأنّه لن يقتنع أبداً بأقوال جالينيوس ولا هوميريوس ولا حتى بلينكو ولكنّي قلت في محاولةٍ لكسب الوقت لأتذكر حديثً أو قولاً لأحد الصحابة: ’’لا أظنك من أتباع صموئيل جونسون؟ لا أظنّك تعتبرُ الوطنيّة هي (الملجأ الأخير للأوغاد)؟‘‘ فطأطأ وجه فتذكرتُ حديثاً عن الرسول لكني ساعتها لم أكن أعرف أهو صحيحاً أم لا، لكني قُلت مُبتسماً: ’’ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك‘‘ فنظر إليّ في ذهول وأنا أحمدُ الله علي أنني تذكرته في الوقتِ المُناسب، واستطردت قائلاً: ’’كيف تريد أن تصبح رئيساً لهذه البلد وأنت لا تعترف بها وطناً؟ هل ستتولى يوم الزحف؟ لا تعترفُ بهذا وطناً وتريدُ الرئاسة والبرلمان وأن تتولى مقاليد حكم هذه البلد؟‘‘ قاطعني في شدة وقال: ’’لم أقل هذا قلت لك أنّي أؤمن بالخلافة وفقط‘‘ فرددت في عنفٍ: ’’خلافة، خلافة، خلافة، ماذا أعددتَ لها، صدق الغزالي حينما قال أن الإسلامين مشغولون بالوصول إلي السلطة دون أن يعدوا نفسهم لها ‘‘ وكما قلتُ لك سابقاً: ’’هيربرت جورج، سيكون سعيداً بكم‘‘ فقاطعني بعنف: ’’لسنا نعيش في الماضي يا هذا! أنظر إلي تُركيا‘‘ قاطعته قائلاً: ’’لكن تركيا علمانية يا أخي؟ أقسم بأنها علمانية؟‘‘ وأخرجت هاتفي وفتحتُ صفحة ويكيبيديا وكتبتُ تركيا أول سطرين، ونظرت إليه وإذا به يتلعثم ويقول: ’’ستكون إسلامية بأمر الله.‘‘ قاطعته بابتسامة ’’يا رب!‘‘

Cause1
Cause2












يتبع :/


أراكم المرة القادمة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق